سورة مريم - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}
{سَمِيّاً} لم يسمّ أحد ب (يحيى) قبله، وهذا شاهد على أنّ الأسامي السنع جديرة بالأثرة، وإياها كانت العرب تنتحي في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النبز، حتى قال القائل في مدح قوم:
سُنْعُ الأَسَامِي مُسْبِلِي أُزُرٍ *** حُمْرٍ تَمَسُّ الأَرْضَ بِالْهدْبِ
وقال رؤبة للنسابة البكري- وقد سأله عن نسبه-: أنا ابن العجاج؛ فقال: قصرت وعرفت. وقيل: مثلاً وشبيها عن مجاهد، كقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65] وإنما قيل للمثل {سَميّ} لأنّ كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير، فكل واحد منهما سميّ لصاحبه، ونحو: {يحيى} في أسمائهم (يعمر، ويعيش) إن كانت التسمية عربية؛ وقد سموا بيموت أيضاً وهو يموت ابن المزرَّع، قالوا: لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط، وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر، وأنه كان حصوراً.


{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)}
أي كانت على صفة العقر حين أنا شاب وكهل، فما رزقت الولد لاختلال أحد السببين، أفحين اختل السببان جميعاً أُرزقه؟ فإن قلت: لم طلب أولاً وهو وامرأته على صفة العتيّ والعقر، فلما أسعف بطلبته استبعد واستعجب؟ قلت: ليجاب بما أجيب به، فيزداد المؤمنون إيقاناً ويرتدع المبطلون، وإلا فمعتقد زكريا أولاً وآخراً كان على منهاج واحد: في أنّ الله غني عن الأسباب، أي بلغت عتياً: وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل يقال: عتا العود وعسا من أجل الكبر والطعن في السن العالية. أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى عتياً.
وقرأ ابن وثاب وحمزة والكسائي بكسر العين، وكذلك {صِلِيّاً} [مريم: 70] وابن مسعود بفتحهما فيهما.
وقرأ أبيّ ومجاهد {عُسِيًّا}.


{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}
{كذلك} الكاف رفع، أي الأمر كذلك تصديق له، ثم ابتدأ {قَالَ رَبُّكَ} أو نصب بقال، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره {هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ} ونحوه: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمر أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآْء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} [الحجر: 66] وقرأ الحسن {وهو علي هين}، ولا يخرج هذا إلا على الوجه الأول: أي الأمر كما قلت، وهو على ذلك يهون علي. ووجه آخر: وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد الله، لا إلى قول زكريا. و {قال} محذوف في كلتا القراءتين: أي قال هو عليّ هين قال وهو عليّ هين، وإن شئت لم تنوه، لأن الله هو المخاطب، والمعنى: أنه قال ذلك ووعده وقوله الحق {وقد خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} لأن المعدوم ليس بشيء. أو شيئاً يعتد به، كقولهم: عجبت من لا شيء، وقوله:
إذَا رَأَى غَيْرَ شَيْءٍ ظَنَّهُ رَجُلاً ***
وقرأ الأعمش والكسائي وابن وثّاب {خلقناك}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8